صوت إسبانيا – شهدت بلدة توري باتشيكو الهادئة، الواقعة جنوب شرق منطقة مورسيا الإسبانية، ليلتين متتاليتين من الاشتباكات العنيفة، وتحديداً ليلتي الجمعة والسبت 11 و12 يوليو 2025. أسفرت هذه الاضطرابات عن إصابة خمسة أشخاص بجروح طفيفة واعتقال شخص واحد. جاءت أعمال العنف هذه في أعقاب حادثة اعتداء على رجل مسن، وتفاقمت بشكل كبير بفعل منشورات تحريضية من جماعات اليمين المتطرف على وسائل التواصل الاجتماعي….شاهد الفيديو في نهاية هذا التقرير .
شرارة العنف: اعتداء على متقاعد وتصاعد التوترات
اندلعت الشرارة الأولى لهذه الأحداث المتوترة بعد أيام قليلة من تعرض متقاعد يبلغ من العمر 68 عاماً للضرب في الشارع يوم الأربعاء 9 يوليو. صرّح الرجل لوسائل الإعلام المحلية بأنه تعرض للاعتداء من قبل ثلاثة شبان من أصول شمال أفريقية. لم يتم القبض على أي مشتبه به حتى الآن في حادثة الاعتداء هذه، التي تم تصويرها ونشرها على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما أثار غضباً شعبياً واسعاً.
في أعقاب هذا الحادث، شهدت البلدة، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 36 ألف نسمة، اضطرابات أقل حدة في الأيام التي تلت الاعتداء. ثم تصاعد الوضع بشكل حاد في ليلتي الجمعة والسبت.
أعمال شغب منظمة وتواجد مكثف للشرطة
خلال ليلتي الجمعة والسبت، ورغم التواجد المكثف للشرطة والحرس المدني، جابت مجموعات مسلحة بالهراوات شوارع توري باتشيكو بحثاً عن أشخاص من أصول أجنبية، وفقاً لما ذكرته صحيفة “لا أوبينيون دي مورسيا” الإقليمية. أظهرت مقاطع فيديو انتشرت على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد لرجال يرتدون ملابس تحمل رموزاً لليمين المتطرف يلقون أشياء على مهاجرين يحملون أعلاماً مغربية في وسط المدينة. كما وثقت اللقطات حاويات القمامة والحواجز وهي تحترق في الشوارع.
تحدث بيدرو أنخيل روكا تيرنيل، رئيس بلدية توري باتشيكو، لقناة آر تي في إي التلفزيونية العامة، مؤكداً أن رجال الشرطة نجحوا في منع مواجهة مباشرة بين المجموعتين. وأشار إلى أن معظم المشاركين في أعمال الشغب جاءوا من مناطق أخرى، وليسوا من سكان البلدة الأصليين.
تحريض اليمين المتطرف ودعوات الكراهية
لعبت جماعات اليمين المتطرف دوراً محورياً في تأجيج هذه الاضطرابات. أكدت ماريولا جيفارا، مندوبة الحكومة المركزية في منطقة مورسيا، أن أعمال العنف اندلعت بسبب منشورات تحريضية على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل هذه الجماعات، والتي حثت بشكل صريح على “مطاردة المهاجرين”. وأشارت جيفارا إلى أن السلطات رصدت هذه المنشورات التي دعت إلى شن هجمات على الأشخاص من أصول شمال أفريقية، وتحديداً من قبل مجموعة تُدعى “اطردوهم الآن“.
كما نددت جيفارا بـ”خطاب الكراهية” و”التحريض على العنف” مع انتقال الجماعات اليمينية المتطرفة إلى المدينة. من جانبها، أدانت وزيرة الشباب الإسبانية سيرا ريجو، العضو في تحالف “سومار” اليساري المتشدد، العنف ضد المهاجرين، وألقت باللوم بشكل مباشر على “اليمين المتطرف” في هذه الاضطرابات.
استجابة السلطات والدعوة للهدوء
في مواجهة تصاعد العنف، نشرت الحكومة الإسبانية ضباطاً إضافيين من الحرس المدني في توري باتشيكو لتجنب المزيد من أعمال الشغب. ويركز فرانسيسكو بوليدو، رئيس الحرس المدني في منطقة مورسيا، على التحقيق في جرائم الكراهية المحتملة، بالإضافة إلى جهود تفريق الحشود ومنع العنف.
أطلقت السلطات الإسبانية نداءات متكررة للهدوء يوم الأحد 13 يوليو. كتب فرناندو لوبيز ميراس، الرئيس المحافظ لحكومة منطقة مورسيا، على موقع X (تويتر سابقاً) قائلاً: “توري باتشيكو يجب أن يعود إلى طبيعته. أتفهم الإحباط، لكن لا شيء يبرر العنف”. كما دعا رئيس البلدية بيدرو أنخيل روكا تيرنيل السكان إلى التزام الهدوء.
سياق الهجرة والتحديات الاجتماعية
تأتي هذه الاضطرابات في سياق جدل متنامٍ حول قضايا الهجرة في إسبانيا. تُشير بيانات الحكومة المحلية إلى أن ما يقرب من ثلث سكان مدينة توري باتشيكو من أصول أجنبية، وهو ما يمثل ضعف المتوسط في إسبانيا ككل، وفقاً لصحيفة “إل موندو”. وتستضيف المنطقة المحيطة بالمدينة أيضاً أعداداً كبيرة من المهاجرين الذين يعملون كعمال يوميين في القطاع الزراعي، الذي يُعتبر ركيزة أساسية للاقتصاد الإقليمي.
قبل أقل من أسبوعين من هذه الأحداث، اضطرت حكومة مورسيا للتراجع عن اقتراح لشراء مساكن لاستيعاب المهاجرين القصر غير المصحوبين بذويهم، وذلك بعد تعرض حزب الشعب المحافظ الحاكم لتهديدات من حزب فوكس اليميني المتطرف، الذي يعتمد عليه حزب الشعب لإقرار القوانين.
تُعتبر هذه الاضطرابات في توري باتشيكو من أسوأ حوادث العنف في البلاد خلال العقود الأخيرة، مما يعيد إلى الأذهان أحداث عام 2000 عندما اندلعت احتجاجات عنيفة مناهضة للهجرة في مدينة إل إيخيدو في ألميريا بجنوب إسبانيا بعد مقتل ثلاثة مواطنين إسبان على يد مهاجرين مغاربة.
ردود الفعل السياسية على اضطرابات توري باتشيكو
شهدت الأحداث العنيفة في توري باتشيكو ردود فعل سياسية واسعة النطاق من مختلف المستويات الحكومية والأحزاب في إسبانيا، تركزت بشكل أساسي على دعوات التهدئة، وإدانة العنف، والتحذير من خطاب الكراهية الذي يغذيه اليمين المتطرف.
مواقف الحكومة المركزية والجهات الإقليمية
كانت ماريولا جيفارا، مندوبة الحكومة المركزية في منطقة مورسيا، من أول المسؤولين الذين علقوا على الأحداث. أكدت جيفارا أن أعمال العنف قد غذّتها منشورات تحريضية على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل جماعات اليمين المتطرف، والتي دعت إلى “مطاردة المهاجرين”. وشددت على أن السلطات استجابت فور رصد هذه المنشورات التي بدأت مبكراً عن الموعد المخطط له. كما نددت “بخطاب الكراهية” و”التحريض على العنف” مع انتقال الجماعات اليمينية المتطرفة إلى البلدة، وأشارت إلى أنه سيتم نشر ضباط إضافيين من الحرس المدني للتعامل مع العنف وضمان الأمن.
من جانبه، دعا فرناندو لوبيز ميراس، رئيس حكومة منطقة مورسيا المحافظ، إلى عودة الهدوء والوضع الطبيعي في توري باتشيكو. وكتب على حسابه في منصة “X” (تويتر سابقاً) أن “توري باتشيكو يجب أن يعود إلى طبيعته”، مضيفاً: “أتفهم الإحباط، لكن لا شيء يبرر العنف”. كما أكد أن الاعتداء على المسن “لن يمر دون عقاب”، مشدداً على ضرورة أن يتحمل المسؤولون عن أعمال العنف العواقب القانونية. ودعا لوبيز ميراس إلى تعزيز قوات الأمن لضمان سلامة المواطنين ومنع تكرار ما حدث.
ردود فعل المسؤولين المحليين والوزراء
على المستوى المحلي، ناشد بيدرو أنخيل روكا تيرنيل، رئيس بلدية توري باتشيكو، السكان الهدوء والتحلي بالسكينة. وأكد روكا أن رجال الشرطة نجحوا في منع المواجهة المباشرة بين المجموعتين المتصارعتين، مشيراً إلى أن غالبية المشاركين في أعمال الشغب لم يكونوا من سكان البلدة. كما أشار إلى أن البلدة كانت تتميز بالتعايش الجيد قبل هذه الأحداث.
وفي تعليق على الأحداث، أدانت سيرا ريجو، وزيرة الشباب الإسبانية وعضو تحالف “سومار” اليساري المتشدد، العنف ضد المهاجرين في رسالة على منصة “بلوسكاي” (Bluesky)، وألقت باللوم بشكل صريح على “اليمين المتطرف” في تأجيج هذه الاضطرابات.
تأثير على المشهد السياسي العام
تُسلط هذه الأحداث الضوء على التوترات المتزايدة في إسبانيا حول قضايا الهجرة، وتبرز الدور الذي يلعبه اليمين المتطرف في استغلال هذه التوترات. يُذكر أن حكومة مورسيا، التي يقودها حزب الشعب المحافظ (PP)، قد اضطرت قبل أقل من أسبوعين إلى التراجع عن مقترح لشراء مساكن لإيواء القصر المهاجرين غير المصحوبين بذويهم، وذلك بعد تهديدات من حزب فوكس اليميني المتطرف (Vox)، الذي يُعتبر شريكاً أساسياً لحزب الشعب في إقرار القوانين. هذا الوضع يوضح مدى النفوذ الذي يمتلكه حزب فوكس في الضغط على السياسات المتعلقة بالهجرة.
بشكل عام، تعكس ردود الفعل السياسية إدانة واسعة للعنف ودعوات للهدوء، مع تركيز خاص على ضرورة معالجة خطاب الكراهية الذي يحرض على مثل هذه المواجهات. تستمر السلطات في مراقبة الوضع عن كثب، مؤكدة على ضرورة تقديم المسؤولين عن العنف إلى العدالة…..المزيد
.
كاتبة المقال
ليلى الصاوي
صحفية ومترجمة
مؤسسة صوت إسبانيا الاعلامية
للتواصل layla@spainalyom.com
.
هل تتستطيع أن تمتلك منزل في إسبانيا بـ 1 يورو ؟
إسبانيا : قانون جديد ينهي احتلال المنازل خلال 15 يومًا!
عقود العمل الموسمية في إسبانيا: دليل شامل للعمال والهجرة
شبكة للزواج الوهمي بين المغرب وإسبانيا
أفضل مواقع البحث عن المنازل في إسبانيا – دليل شامل بالروابط
إحتلال المنازل في إسبانيا .. أوكوباس Okupas
.
شاهد الفيديو
توري باتشيكو الإسبانية,صوت إسبانيا,توري باتشيكو,أعمال الشغب المناهضة للمهاجرين,مطاردة المهاجرين, أعمال العنف بمدينة مورسيا,صراع الهجرة في إسبانيا, بلدة توري باتشيكو,،منطقة مورسيا ,منشورات تحريضية من اليمين المتطرف, صحيفة “لا أوبينيون دي مورسيا,بيدرو أنخيل روكا تيرنيل, رئيس بلدية توري باتشيكو, ماريولا جيفارا,مطاردة المهاجرين,قضايا الهجرة في إسبانيا,لاضطرابات في توري باتشيكو
للحصول على استشارة مجانية إرسل ايميل بالتفاصيل إلى info@higrh.comلمشاهدة فيديوهات إسبانيا الجديدة وطرق التقديم المجاني اشترك من هنا youtube.spain