إسبانيا في كارثة : وفيات قياسية وحرائق مدمرة

 

حصيلة وفيات صادمة جراء الحرارة والبرودة

 

سجلت إسبانيا حتى الآن في عام 2025 ما يزيد عن 2100 حالة وفاة ناجمة عن موجات الحر الشديد، وهو رقم يمثل حوالي 68% من إجمالي الوفيات المرتبطة بالحرارة المسجلة خلال عام 2024 بأكمله. وفقاً لبيانات نظام رصد الوفيات اليومي (MoMo)، التابع لمعهد كارلوس الثالث الصحي (ISCIII)، فقد بلغ عدد الوفيات المرتبطة بدرجات الحرارة القصوى 2168 حالة حتى الآن هذا العام، مقارنة بـ3521 حالة وفاة في عام 2024 كاملاً.

يُعد شهر يونيو 2025 الأكثر فتكاً، حيث شهد 409 حالات وفاة إجمالية، منها 380 حالة وفاة نُسبت مباشرة إلى الحرارة. هذا الرقم يفوق بعشر مرات عدد الوفيات المسجلة في الشهر نفسه من العام الماضي، مما يؤكد على شدة الموجة الحارة غير المسبوقة. وكشفت وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية (AEMET) أن يونيو 2025 كان الأكثر دفئاً على الإطلاق في تاريخ البلاد، بمتوسط درجة حرارة بلغ 23.6 درجة مئوية، متجاوزاً الرقم القياسي السابق المسجل في يونيو 2017 بـ0.8 درجة مئوية. كما تجاوز هذا المتوسط، المتوسط المرجعي للفترة (1991-2020) بـ3.5 درجات مئوية، مما يبرز حجم الشذوذ المناخي.

البيانات تُظهر أيضاً أن النساء هن الأكثر تضرراً من هذه الموجات الحرارية القاتلة، حيث تم تسجيل 1207 حالة وفاة بين النساء، مقابل 961 حالة بين الرجال. وفي شهر يونيو وحده، توفيت 237 امرأة مقارنة بـ143 رجلاً. ويُعد كبار السن، خصوصاً النساء فوق سن 85 عاماً، الفئة الأكثر عرضة للخطر بشكل خاص، مما يؤكد الحاجة الملحة لسياسات وقاية عامة تستهدف هذه الفئة الضعيفة.

لم تقتصر التحديات المناخية على الحرارة الشديدة فقط، بل ساهمت البرودة القارسة في بداية العام أيضاً في ارتفاع عدد الوفيات. سجل شهر يناير وحده 1334 حالة وفاة، تلاه فبراير بـ323 حالة، ثم مارس بـ107 حالات. هذه الأرقام تشير بوضوح إلى أن التغيرات المناخية الحادة، سواء كانت موجات حرارة شديدة أو برودة قاسية، تُشكل خطراً متزايداً على الصحة العامة في إسبانيا.

 

حرائق غابات مدمرة تلتهم آلاف الهكتارات

 

في موازاة موجات الحر القاتلة، تشهد إسبانيا أيضاً حرائق غابات هائلة، أبرزها الحريق الذي التهم حوالي ثلاثة آلاف هكتار من الغابات في متنزه “الس بورتس” الطبيعي في باولس قرب تاراغونا بشمال شرق إسبانيا. هذا الحريق، الذي اندلع يوم الاثنين، أتى على حوالي 2899 هكتاراً من الأراضي، غالبيتها من الغابات، وفقاً لعناصر الحماية الريفية في كتالونيا.

وقد طلبت السلطات يوم الثلاثاء من آلاف السكان ملازمة منازلهم حفاظاً على سلامتهم. تشمل أوامر ملازمة المنزل مبدئياً نحو 18 ألف شخص يقيمون في مناطق مجاورة للحريق. الرياح العاتية التي بلغت سرعتها 90 كيلومتراً في الساعة عقدت جهود الإخماد بشكل كبير، مما اضطر فرق الإطفاء إلى توسيع نطاق الإغلاق وإغلاق بعض الطرق في المنطقة.

لمكافحة هذا الحريق الهائل، نشرت فرق الإطفاء 300 عنصر، وتم تفعيل الوسائل الجوية لدعم جهود الإخماد. بالإضافة إلى ذلك، انضم جنود من وحدة الطوارئ العسكرية (UME) إلى العمليات لمواجهة النيران. وقد غطت التلال الجافة سحباً كثيفة من الدخان باللونين الرمادي الداكن والبرتقالي، مما حجب الرؤية على مسافة واسعة. حتى في منطقة مورسيا بجنوب شرق إسبانيا، وعلى بُعد أكثر من 400 كيلومتر من موقع الحريق، اشتم السكان رائحة دخان يُرجح أن تكون ناجمة عن حريق باولس.

رئيس الوزراء بيدرو سانشيز أكد “متابعته الدقيقة لتطورات الحريق”، معرباً عن تضامنه مع “السكان المتضررين”، وداعياً الجميع إلى توخي أقصى درجات الحذر.

 

مستقبل مقلق وتصاعد وتيرة التحديات

 

تفاقم أزمة الحرائق في إسبانيا يعود بشكل كبير إلى موجة الحر الشديد التي تعصف بالبلاد منذ أيام، والتي تسببت في جفاف التربة وزيادة خطر اندلاع الحرائق. وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية (AEMET) حذرت سابقاً من أن وتيرة موجات الحر في إسبانيا قد تضاعفت ثلاث مرات خلال السنوات العشر الماضية، مما يشير إلى تصاعد مقلق في شدة وتكرار الظواهر المناخية المتطرفة.

تاريخياً، شهدت إسبانيا عام 2022 حرق أكثر من 500 حريق لـ300 ألف هكتار من الأراضي، وهو مستوى قياسي في أوروبا. ورغم أن المساحة المحترقة في عام 2024 كانت أقل بكثير وبلغت حوالي 42 ألف هكتار، إلا أن انطلاق صيف 2025 يشير إلى عودة موجة الحرائق المدمرة، حيث وصلت مساحة الأراضي المحترقة إلى حوالي 21 ألف هكتار حتى الآن، وفقاً لتقارير نظام معلومات حرائق الغابات الأوروبي.

قبل أيام، توقعت وزيرة التحول البيئي الإسبانية سارة أخيسين “صيفاً صعباً جداً” على صعيد حرائق الغابات، وهو ما يبدو أنه يتحقق بالفعل. السلطات الإسبانية، بناءً على توصيات عاجلة من مصادر إخبارية، أصدرت أوامر لأكثر من 18 ألف شخص بالبقاء في منازلهم في إقليم كتالونيا بسبب هذه الحرائق الواسعة النطاق التي تهدد الأحياء السكنية وتعوق جهود الإطفاء. اشتداد الحرائق بفعل الرياح ودرجات الحرارة المرتفعة دفع السلطات إلى إعلان حالة الطوارئ في عدة مناطق، وإغلاق طرق رئيسية، وإخلاء مؤسسات عامة.

في ظل هذه المعطيات، تواجه إسبانيا مستقبلاً مناخياً صعباً يتطلب استجابة شاملة وفعالة للتخفيف من آثار التغير المناخي وحماية صحة وسلامة مواطنيها…..المزيد

  كاتبة المقال
ثناء زادة
صحفي ومترجم
مؤسسة صوت إسبانيا الاعلامية
للتواصل thanaa@spainalyom.com
.
موضوعات شعبية وجماهيرية :

صوت إسبانيا,موجة الحر إسبانيا,وفيات الحرارة إسبانيا 2025,حرائق الغابات إسبانيا,تغير المناخ إسبانيا,كتالونيا حرائق,أزمة المناخ إسبانيا,درجات الحرارة القياسية إسبانيا,جفاف التربة إسبانيا,حرارة يونيو إسبانيا,إسبانيا

للحصول على استشارة مجانية إرسل ايميل بالتفاصيل إلى info@higrh.comلمشاهدة فيديوهات إسبانيا الجديدة وطرق التقديم المجاني اشترك من هنا youtube.spain

مرحبا بك من جديد 👋
يسعدنا مقابلتك.

قم بالتسجيل لتلقي محتوى رائع في صندوق الوارد الخاص بك، كل شهر.

نحن لا نرسل البريد العشوائي! اقرأ سياسة الخصوصية الخاصة بنا لمزيد من المعلومات.

Scroll to Top